الذهب – هذا المعدن البراق المغري. من منا لم تشتاق الى ارتدائه كسوار أو خاتم. وهو من أكثر المعادن ليونة ومرونة لدرجة احتياجه دائما لخلطه بمعادن أخرى حتى تمنحه بعض الصلابة. وهو أيضا موصل جيد للحرارة. كل هذه مؤهلات تجعل له استخدامات عديدة في مجالات كثيرة وليس فقط كحلية لجمال المرأة. ولكنه يطل علينا مؤخرا بشكل جديد – فقد اشتهر مؤخرا الذهب في عالم التجميل كعلاج للبشرة: اما على شكل صفائح ذهب توضع على الوجه كقناع للتجميل (ماسك) أو كجسيمات ذهب صغيرة تحتويها الكريمات.
فهل فعلا للذهب فائدة للبشرة؟ هل فعلا يعالج التجاعيد ويعطي للبشرة نضارة كما تدعي الشركات المنتجة لهذه الكريمات والأقنعة؟
حتى يستطيع الذهب – أو أي مادة – من اختراق البشرة، لا بد أن يكون حجم جسيماته صغيرة جدا جدا. التكنولوجيا التي تسمح بتصنيع هذا الحجم الصغير موجودة منذ عقدين تقريبا وتسمى الجسميات nanoparticles. بعض الدراسات أثبتت فعلا قدرة جسيمات الذهب على تتخلل البشرة – على أن تكون ذات حجم معين – فاذا كبرت عن هذا الحجم أصبح من الصعب تخللها البشرة فلا يصبح لها دور في الكريم – ومن هنا تبدأ المشكلة – فالشركات المنتجة لهذه الكريمات لا تقدم معلومات عن حجم جسيمات الذهب في منتجاتها.
المشكلة الثانية تكمن في عدم تواجد دراسات كافية حتى الآن تثبت أن للذهب أي فائدة للبشرة. دراسات قليلة جدا اقترحت احتمالية وجود تأثير مضاد للالتهابات، ولكن حجم هذه الدراسات صغير ولا يكفي لاثبات الفرضية بعد.
الى جانب ذلك – فان معظم الدراسات التي أظهرت قدرة جسيمات الذهب على تخلل البشرة أجرت تجاربها على خلايا جلدية وليس على بشرة طبيعية – مما يجعلها دراسات مبدئية لا تعطي الانطباع النهائي لما قد يحدث في الواقع. الى جانب ذلك فان الدراسات تركت الذهب على هذه الخلايا لمدة 24 ساعة متواصلة – وهذا ما يصعب حدوثه في الطبيعة – فلا يوجد كريم يستطيع البقاء على البشرة لمدة 24 ساعة بسبب التعرق وافرازات البشرة وغسيل الوجه وغيرهم.
إذن فلا يوجد حتى الآن أي خلفية علمية تؤكد فوائد الذهب للبشرة.
وأخيرا، فلم يحصل الذهب على موافقة أي مؤسسة طبية عالمية لادراجه كمادة مفيدة للبشرة – مثل منظمة الصحة العالمية أو منظمة الغذاء والدواء الأمريكية. لذا فاستخدام الذهب في الماسكات والكريمات يعتبر حتى الآن أمر تجميلي بحت وليس علاجي، وليس له أساس عملي بحثي أكاديمي. مما يعني أن أي شركة تنتج منتجات بها ذهب تستطيع أن تدعي أي ادعاء علاجي لها ولن تجد من يمنعها من مثل هذا الادعاء لأن حتى الآن لا وجود لقواعد موضوعه للاستخدام الأمثل للذهب في علاج البشرة.
يبقى القول أن هذه الكريمات قد تعطي ضي جميل للبشرة وذلك بسبب انعكاس الضوة على جسيمات الذهب عند وضعها على البشرة – ولكن هذا الضي يمكن الحصول عليه من خلال كريمات وبودرات تحتوي على جسيمات براقة او ما يسمى في عالم المكياج ب highlighter، وتكلفتها بالتأكيد ستكون معقولة جدا، مقارنة بكريمات الذهب، التي قد تصل سعر الوحدة فيه حتى 500 دولار أمريكي! تروج الشركات المنتجة لكريمات الذهب على أن ملمسها طيب على البشرة كما أن لها احساس “فاخر” فكيلوباترا كانت تنام بماسك من الذهب وهو سبب جمالها – كما يدعون.
لا تنخدعي بالدعايا البراقة!
ودمتم بصحة وجمال!
اقرأ أيضا
المصادر
PP. Annop et al. Gold for Facial Skin Care: Fact or Fiction? Aesthetic Plastic Surgery 2011; 35: 1184-8.
FL. Filon et al. Human Skin Penetration of Gold Nanoparticles through Intact and Damaged Skin. Nanotoxicology 2011; 5 (4): 493-501.